للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَتَذْكُرُ إذْ كُنّا نبُاكِرُ مَعْهَداً ... حُمَيَّاهُ عِلْمٌ والسُّقاةُ أُسودُ (١)

أتذْكُرُ إذْ كُنّا قَرينَيْنِ عِنْدَما ... يَحينُ صُدورٌ أَوْ يَحينُ وُرودُ (٢)

فَأَيْنَ لَيَالينا وأَسْمارُها الَّتي ... تُبَلُّ بِها عِنْدَ الظِّماءِ كُبودُ

لَيَالٍ قَضَيْناها بِتُونسُ لَيْتَها ... تَعودُ وَجَيْشُ الْغاصِبينَ طَريدُ (٣)

[خاتم خالقي]

وقائِلَةٍ: ما هذِهِ الشَّامَةُ الَّتي ... أَرى أَهِيَ الْقَرْحُ الَّذي مَرَّ عَهْدُهُ (٤)

فَقُلْتُ لها: الشَّيْطانُ يَزْعُمُ أَنَّهُ ... يُوَجِّهُني أَنَّى تَوَجَّهَ قَصْدُهُ

وَمَهْما رَمى الشَّيْطانُ سَهْمَ غِوَايَةٍ ... يَكيدُ عِبادَ اللهِ أَخْفَقَ كَيْدهُ

وَهذا الَّذي أَبْصَرْتِ خاتَمُ خالِقي ... لِيَشْهَدَ لي ما عِشْتُ أَنِّيَ عَبْدُهُ (٥)


(١) نباكر: نأتي بكرة. المعهد: جامع الزيتونة بتونس. الحميا: شدة الغضب وأوله، يعني هنا: النشاط. ويريد بالسقاة الأسود: أساتذة المعهد، وما كان لهم من مهابة وإجلال في قلوب المتعلمين.
(٢) القرين: لدة الرجل؛ أي: الذي ولد وتربى معه. الصدور: الرجوع عن الماء. الورود: بلوغ الماء.
(٣) جيش الغاصبين: الجيش الفرنسي الذي كان يحتل تونس قبل الاستقلال.
(٤) قائلة: الضمير يعود إلى زوجة الشاعر السيدة المرحومة زينب رحيم. الشامة: علامة تخالف البدن الذي هي فيه، وأثر سواد، وهي أثر عملية جراحية أجريت للشاعر في أعلى القفا سنة ١٣٦٥ هـ بالقاهرة.
(٥) خاتم: الطابع تطبع به السمة، وكذلك حَلْي للإصبع، حُفر عليه اسمه اللابس أم لا. وفي هذا البيت إشارة لقوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: ٤٢].