للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عبد ريه: "وأكثر ما أدرك على الشعراء له مجاز وتوجيه حسن، ولكن أصحاب اللغة لا ينصفونهم، وربما غلطوا عليهم، وتأولوا غير معانيهم التي ذهبوا إليها، ومن هذا ما أخذ على الحسن بن هانئ في قوله:

وما لبكر بن وائل عصم ... إلا لحمقائها وكاذبها

وقال الناقد: أراد بحمقائها هبنَّقة القيسي، ولا يقال للرجل حمقاء، وإنما أراد ابن هانئ دغة العجلية، وعجل في بكر، وبدغة هذه يضرب المثل في الحمق".

وفي الشعر مواضع هجنة لا يغني التكلف للجواب عنها شيئاً، ومن هذه المواضع ما لا يكاد يخفي على أحد، ككثير من سقطات أبي تمام، وأبي الطيب المتنبي، ومنها ما لا يدركه إلا الذوق السليم والألمعية الشافعية، ومن شواهد هذا قول المتنبي:

عجباً له حفظ العنان بأنملٍ ... ما حِفْظُها الأشياء من عاداتها

ووجه العيب فيه: أنه يريد أن ينفي عن أنامل الممدوح الحفظ جملة، ويدعي أنه لا يكون منها حفظ البتة، وإضافة الحفظ إلى ضميرها في قوله: "ما حفظها الأشياء" يقتضي إثبات حفظ لها، ووجوده منها؛ وقد ساق عبد القاهر في "دلائل الاعجاز" هذا البيت، وقال: مضى دهر ونحن نقرؤه، فلا ننكر منه شيئاً، ولا يقع لنا فيه أنه أخطأ، ثم بأن بآخره أنه قد أخطأ، وبيّن الخطأ بالوجه المقرر آنفاً.

* وجوه النقد:

يتوجه النقد إلى ناحية اللفظ تارة، وإلى ناحية المعنى تارة أخرى؛ ولكل واحدة من الناحيتين فنون هي ما نقصد إلى الحديث عن شيء من تفاصيلها،