تصاريفها؛ كحذفهم لآخر الاسم الخماسي في التصغير؛ نحو: سفر جل إذا أرادوا تصغيره يقولون: سُفيرج، وكذلك يفعلون في جمعه، فيقولون: سفارج. ثم إنك لا تجدهم يجمعون في حشو الكلمة بين ساكنين؛ لما ينشأ عن اجتماع الساكنين من البطء في التلفظ بها، ولا يوالون في اللفظة الواحدة بين أربعة أحرف متحركة؛ حذراً من الاستعجال الحاصل من كثرة الحركات المتوالية، ويزيدك بصيرة بهذا: إهمالهم للأوزان التي يتعسر النطق بها؛ نحو: فِعُل - بكسر الفاء وضم العين - رفضوه من أن يبنوا عليه شيئاً من كلمهم؛ للثقل الذي يوجبه الانتقال من الكسر إلى الضم.
وقرر الباحثون عن أسرار اللغة أن الألفاظ تختلف بطبائعها وهيئاتها مثل اختلافها بالصلابة والرخاوة، والفك والإدغام، والحركة والسكون، ولم يصرف واضع العربية نظره عن هذه الوجوه، ولاحظ في كثير من الألفاظ المناسبة بينها وبين ما يدخل في قياسها. وإن شئت مثالاً يضرب على شاكلة ما قرروه، فانظر إلى علامة النسب، فتجدها ياء شددت للمبالغة في وصف الانتساب، وتلويحاً إلى شدة رابطة المنسوب بالمنسوب إليه، فإذا استعملت في نسبة الشخص إلى عشيرته - مثلاً -، كان تشديدها؛ كالمهماز لتحريك غيرته عليهم، أو تنبيه عواطفهم للإقبال عليه.
* حكمة تراكيبها:
من يرجع إلى حال نفسه عند إلقاء العبارة، يشعر بأنه لا يحرك بها لسانه إلا بعد أن يتصور معانيها المفردة، ويضم بعضها إلى بعض بروابط النسب الإسنادية، أو التقييدية في ذهنه، فيأخذ كل معنى من جهة التقديم والتأخير رتبة في النفس يستحقها بطبعه؛ كالفاعل يخطر في البال قبل المفعول،