من علماء الأدب واللغة من الموالي، وإن هؤلاء الموالي كانوا ينالون العرب في دينهم. فعلماء الأدب كانوا يدرسون الأدب لفهم الكتاب، والسنّة، والكثرة المطلقة من علماء الأدب واللغة كانون يطعنون في ذلك الكتاب، وتلك السنّة! ولعلهم كانوا يجعلون الأدب وسيلة إلى فهمهما؛ لأنهم مسلمون بقلوبهم، وينالون منهما نكاية بالعرب؛ لأنهم غير مسلمين بعقولهم، ومتى استقامت للمؤلف نظرية توزيع الآراء والعقائد على العقول والقلوب، تمكن من أن يجمع الإيمان والكفر في نفس، أو يريك البياض والسواد في نقطة!.
* الشعوبية والزندقة:
قال المؤلف في (ص ١٤٤): "وليس تفضيل النار على الطين، وإبليس على آدم، إلا مظهراً من مظاهر الشعوبية الفارسية التي كانت تفضل المجوسية على الإِسلام".
الشعوبية طائفة تنفي فضل العرب على غيرهم، أو تبغض العرب، وتفضل العجم، وقد يتحقق هذا المعنى في نفولص قوم مسلمين. والزندقة خلل في العقل، ومرض في القلب، وقد يختل عقل العربي، ويعتل قلبه، فترى عربياً زنديقاً، كما ترى شعوبياً مسلماً. وقد يجمع الرجل بين إنكار الدين وبغض العرب، فيكون زنديقاً شعوبياً، ولكل واحدة من هاتين النزعتين آثار خاصة، فآثار الشعوبية: جحود فضل العرب، أو تتبع مثالبهم، وآثار الزندقة: التهكم بالشرائع، والطعن في حكمتها. وتفضيل النار على الطين وإبليس على آدم ينسبونه إلى بشار بن برد. إذا صحت نسبته إليه، فهو أثر من آثار الزندقة، والزندقة غير الشعوبية.