ساحة الدين ولو خطوة؛ لأن العجمي والعربي أصبحا فيه على سواء.
وحدثنا التاريخ في مقام منفصل عن المقام الذي حدثنا فيه عن الشعوبية: أن هناك طائفة كانت تتظاهر بأنها "تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر"، وهي منطوية على زندقة، وقد حمل التاريخ أسماء أفراد كانوا يتهمون بهذه النحلة، والزنادقة في كل عصر مظهر الفسوق والمجون، وأول رذيلة يركبون غاربها رذيلة الاختلاق وسوء التأويل، هم يعرفون أن في الإِسلام حكمة وحجة، وأنه أنشأ رجالاً يمثلون الاستقامة والعبقرية في أسمى مظاهرهما، فيصرفون همهم إلى إراءة حقائقه في غير صبغتها، صالى الحديث عن تاريخ رجاله بمبالغات أو مبتدعات هم برآء منها.
يضطرب المؤلف فيما يكتب؛ لأنه يحب أن يغير حقائق التاريخ، والحقائق لا تتغير بالأقوال المنسوجة على نظام يقول فيما سلف: إن الأدب العربي لم يدرس في العصور الإِسلامية الأولى لنفسه، وإنما درس من حيث هو وسيلة إلى تصير القرآن وتأويله، واستنباط الأحكام منه ومن الحديث. ويضاهي هذا قولهُ يصف الأمة العربية في رواية "حديث الأربعاء": "كانت تنجذب إلى الوراء بحكم الدين، وبحكم اللغة التي لم تكن كغيرها من اللغات، وإنما كانت لغة دينية، فالاحتفاظ بأصولها وقواعدها، والاحتياط في صيانتها من التطور وآثاره السيئة واجب ديني، لا سبيل إلى جحوده"(١).
يقول هذا وذاك، ثم لا يجد مانعاً من أن يقول لك: إن الكثرة المطلقة