للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* المثبطات عن الرحلة:

لا أريد من المثبطات عن الرحلة: العوائق التي ليس في استطاعة الشخص علاجها؛ كفراغ يده من نفقات السفر، وكقيامه على أسرة إذا فارقها، وقعت في حاجة ونكد من العيش، بل أريد من المثبطات: ما يعرض للنفوس الضعيفة، ويغلب على أمرها، ولولا ضعفها، لما كان له عليها من سبيل.

ومن هذه المثبطات: استعظام الرجل مفارقة من يعزّ عليه من قريب أو صديق.

ألقي على إمام الحرمين وهو على المنبر سؤال، وهو: لماذا كان السفر قطعة من العذاب؟ فقال: لأن فيه فراق الأحبة.

وفي الناس من يذكر ما في الرحلة من متاعب بدنية، فيحجم عنها، وأكثر من يعرض لهم هذا المثبط أولئك الذين ينشؤون في ترف وانحلال عزيمة، فيخشون أن يفوتهم ما اعتادوا من راحة ورفاهية، ولو أياماً قليلة.

وقد يحجم الرجل عن الرحلة مخافة أن ترمي به بين أقوام لا يعرفون أدبه أو حسبه، فيجد من مرافقتهم أو معاشرتهم كدراً، وإلى مثل هذه الآلام النفسية أشار ابن جبير بقوله:

لا تغترب عن وطنٍ ... واحذرْ تصاريفَ النوى

أما ترى الغصنَ إذا ... ما فارق الأصل ذوى

وقال الرحالة ابن سعيد الأندلسي متألماً من بعض ما لاقاه في بلاد الشرق:

وأنادَى مغربياً ليتني ... لم أكن للغرب يوماً أُنسبُ