للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيما بينهم، فالتقاطع والتباعد، ويلزمه على هذا التاويل أن يكون العرب الواقفون على سياسات الأمم الأجنبية إنما هم النازلون بأطراف الجزيرة؛ لأن القبائل النازلة في أحشاء الجزيرة لا يمكنها أن تتصل بالفرس والروم والحبشة ومصر، إلا أن تجوس خلال من يجاورها، أو يجيء على طريقها من القبائل الأخرى.

وليس بمستبعد على مثل المؤلف أن يقول لك في صراحة وعجل: إن تلك القبائل كانت على مدنية شائقة، وكانت تمتطي طيارات تمخر بها في الجو حتى تتصل بالأمم الأجنبية، ولا تلقى في سبيلها شخصاً من قبيلة أخرى عربية، تفعل ذلك حذراً من أن تتقارب لهجاتها، ويتماثل شعرها!.،

* لغة أدبية منذ عهد الجاهلية:

قال المؤلف في (ص ٣٢): "فإذا صح هذا، كان من المعقول جداً أن تكون لكل قبيلة من هذه القبائل العدنانية لغتها ولهجتها، ومذهبها في الكلام، وأن يظهر اختلاف اللغات، وتباين اللهجات في شعر هذه القبائل الذي قيل قبل أن يفرض القرآن على العرب لغة واحدة، ولهجات متقاربة، ولكننا لا نرى شيئاً من ذلك في الشعر العربي الجاهلي".

هذه الشبهة علقت بذهن المؤلف فيما علق من مقال (مرغليوث)، وهي مطرودة بنظرية وجود لغة أدبية يحتذيها الشعراء على اختلاف قبائلهم منذ عهد الجاهلية، وهذا لا يقوله أنصار القديم وحدهم، بل يقوله كثير ممن هم أخلص لمذهب الجديد، وأعرق فيه من المؤلف، فهذا البستاني يقول في "دائرة معارفه" (١): "وكان أشد الخلاف بين أهل نجد والحجاز، وأهل


(١) (ج ١٠) مادة (شعر).