للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينة، إذن يجب عليك أن تزن ما يرد عليك من رواية أو رأي، فتضع هذا بمكان القبول، وتقابل ذلك بالرفض، وتطرح الآخر إلى جانب الإمكان؛ لعله يعود إليك محمولاً على عاتق الحجة. أما انصرافك عن الأشياء التي لم تستبن جليتها انصراف المنكر لها، فإنه يجعل بينك وبين كثير من الحقائق حجاباً مستوراً، فيخف في العلم وزنك، ويطيش في البحث رأيك، فتفسد أكثر مما تصلح، وتضل أكثر مما ترشد، وما أنت بأقل شراً ممن ينحط في هوى كل ناعق، وكلاكما عضو معتل يبعث من دمه الفاسد إلى جسد الأمة ما ينهك قوته، ويذهب ببهائه.

* أبناء المسلمين في مدارس التبشير (١):

من الذي يستطيع أن يهيئ لولده عيشاً راضياً، وينبته نباتاً حسناً، فينشأ سليم القلب، طاهر اللسان، صديقاً لأسرته، عاملاً على إعلاء شأن أمته، ولكنه يأبى أن يفعل هذا الذي ينصح به لولده، ويجني ثمار الحمد من عواقبه، فيعمد إليه وهو صافي الفطرة، فيلقيه في بيئة يتولاه فيها من لا يرقبون إلّاً ولا ذمة، فلا يزالون يلقنونه زيغاً، ويبذرون في نفسه شراً، والذي خبث لا يخرج إلا نكداً.

ذلك مثل المسلم الذي يهبه الله ولداً ليسلك به في هداية، ويعدَّه لأن يكون عضواً يرتاح لسعادة قومه، ويتألم لشقائهم، فإذا هو يبعث به إلى مدارس أسست لمحاربة الدين الحنيف، ولقتل العاطفة القومية، وهي المدارس التي تنشئها في بلادنا الجمعيات التي يقال لها: "جمعيات التبشير".


(١) مجلة "الهداية الإِسلامية" - الجزء الخامس من المجلد الأول.