الحمد لله الذي جعل العربية أشرف لسان، وأنزل كتابه المحكم في أساليبها الحسان. والصلاة والسلام على أفصح العرب لهجة، وأبلغهم حجة، وأقوم الدعاة إلى الحق محجَّة، وعلى آله الأمجاد، وصحبه الذين فتحوا البلاد، ونشروا لغة التنزيل في الأغوار والأنجاد، وحببوها إلى الأعجمين حتى استقامت ألسنتهم على النطق بالضاد.
أمّا بعد:
فكنت أيام دراستي لعلم العربية أمرّ على أحكام تختلف فيها آراء علمائه؛ فيقصرها بعضهم على السماع، ويراها آخرون من مواطن القياس، وقد يحكى الكاتبون المذهبين دون أن يذكروا الأصول التي قام عليها الاختلاف؛ فأرى التمسك بمثل هذه الأقوال من المتابعة التي لا ترتاح إليها النفس؛ ولا سيما حين أذكر أن كثيراً من أصحاب هذه الأقوال قد تلقوا اللغة وعلومها من كتب قد وضعنا أيدينا عليها، أو على أمثالها.
فأخذت أوجه نظرى إلى الاصول العالية التي يراعونها في أحكام السماع والقياس؛ حتى ظفرت بقواعد وقفت على جانب منها في صريح كلامهم، وألممت بجانب آخر من طريق النظر في مجادلاتهم، وأساليب استدلالهم.
ولما هاجرتُ إلى دمشق، وشرعت سنة ١٣٣٥ في دراسة كتاب: "مغني