استعجلت الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية ببسكرة فصل الربيع، فاستقدمت أربعة أيام منه إلى فصل القرّ والصرّ.
إذا كان ربيع البحتري كاد أن يتكلم، فإن الأيام الخلدونية الربيعية قد تكلمت، لا بالأزهار الفوَّاحة، والنسيم العليل، ولكن بالعلم النافع الذي يغذي العقول الجائعة، والأدب الطريف الذي يطرب النفوس الحزينة، والشعر اللطيف الذي يشرح الصدور الحرجة، والقول الحسن الذي ينعش الأرواح الذابلة.
كنت أسمع بالجمعية الخلدونية، فأحسبها كإحدى الجمعيات التي كثرت أسماؤها، وقلَّ غَناؤها، تصحو أياماً، وتسْبت أعواماً، وتصوم دهراً، وتنطق نكُراً، فلما حضرت ملتقاها (الخلدونية) السادس الذي خصصته للإمام محمد الخضر حسين، أصيل مدينة "طولقة"، رأيت منها العمل المنهجي السليم، والسعي الدائب الجاد، والغيرة الصادقة على تراثنا، والحرص الشديد على إحياء أمجادنا، والعناية الفائقة بتدوين تاريخنا، حتى ظننت أنها لا تنام
(١) جريدة "الشروق"، العدد ٢١٨٨ الصادر في (٣/ ١/ ٢٠٠٨ م - ٢٥ من ذي الحجة ١٤٢٨ هـ).