للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلالها هؤلاء الحفّاظ والمؤرخون، ولا تجد من هؤلاء إلا من يذكر أن سعدًا مات حتف أنفه، أو يذكر ما يزعم من أن الجن قتلته، ومنهم من يحكي أن سبب موته النهش، كما قال ابن قتيبة في "المعارف": "ويقال: إنه نُهش (١)، وهو الصحيح".

وردت هذه الرواية في بعض كتب لا يؤخذ ما ترويه من الأخبار المتصلة بسياسة أبي بكر أو عمر إلا بالتحفظ والاحتراس، ثم إن ابن أبي الحديد لم يسندها إلى قوم بأسمائهم، فلا ندري من هؤلاء القوم، وما مبلغ نصيبهم من الصدق أو البهتان، ولا ندري أيضاً من هذا الأمير الذي كمن لسعد بن عبادة حتى رماه فقتله، وهم يختلفون في تاريخ وفاة سعد، فقيل: في خلافة أبي بكر سنة إحدى عشرة، وقيل: في خلافة عمر سنة أربع عشرة، أو خمس عشرة، أو ست عشرة.

انصب المؤلف على هذه الرواية، لأنها وصمة في سيرة الخلافة الرشيدة، وأعرض عن الرواية التي تقول: "وتتابع القوم على البيعة، وبايع سعد" (٢)؛ لأنها تجعل خلافة أبي بكر منعقدة بإجماع، وتنفي أن يكون هناك من يمثل المعارضة قوي الشكيمة ماضي العزيمة.

* المقيمون من قريش والأنصار:

قال المؤلف في (ص ٥٢): "وانصرفت قوة قريش والأنصار إلى ما كان من انتقاض العرب على المسلمين أيام أبي بكر وعمر، وإلى ما كان


(١) نهشته الحية: لسعته.
(٢) "تاريخ ابن جرير" في الحديث عن سنة ١١.