خُلق الإنسان ليعرف مبدعه الحكيم، ويعمل في حياته على صراط مستقيم، والعمل القيّم ما كان موافقاً لما رسمه الشارع، وصحبته نية طيبة، فإن كان العمل غير موافق لما ورد عن الشارع، فهو عمل باطل، وإن قصد به صاحبه التقرب إلى الله، وذلك هو البدعة التي سماها النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: ضلالة، وإن كان العمل على نحو ما رسمه الشارع، ولكن صاحبه لم يقصد به امتثال أمر الله، فهو مردود على صاحبه؛ لأنه فقد الروح الذي يعطيه حياة وبهجة، وهو الإخلاص.
ومدار الإخلاص على أن يكون الباعث على العمل أولاً امتثال أمر الله، ولا حرج على من يطمح بعد هذا إلى شيء آخر، بنعيم الآخرة، أو النجاة من أليم عذابها، بل لا يذهب بالإخلاص - بعد ابتغاء وجه الله - أن يخطر في باله أن للعمل الصالح آثاراً في هذه الحياة؛ كطمأنينة النفس، وأمنها من المخاوف، وصيانتها من مواقف الهون، إلى غير هذا من الخيرات التي تعقب العمل الصالح، ويزداد به إقبال النفوس على الطاعات قوة على قوة.
ومن المعروف عند أهل العلم: أن قصد المصلحة الدنيوية من عمل
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثالث من المجلد الثامن الصادر في شهر رمضان ١٣٥٤ هـ، والجزء الرابع من المجلد الثامن الصادر في شهر شوال ١٣٥٤ هـ.