للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من وحي القلم

لمسة وفاء (١)

عندما ينظر الباحث إلى تاريخ الإنسان في هذه الربوع، تهزّه مشاعر جيّاشة، وتأخذه سِنَة من النّخوة والاعتزاز بالانتماء إلى أرض تونس المجيدة. . . وذلك بتأثير ما يقرؤه على صفحات التاريخ من مآثر رائدة صنعتها أيادي أعلام تونسيين أفذاذ، نذروا حياتهم لرفعة الوطن، ولإصلاح المجتمع، ولتنمية التراث كمّاً ونوعاً.

من هؤلاء الأعلام أريد أن أومض إلى جهود الشيخ محمد الخضر حسين، لاسيما وأن ذكرى وفاته الأربعين تمرّ بنا هذه الأيام، فقد مات -رحمه الله- في يوم ١٢ فيفري ١٩٥٨ م بعد عمر ناهز ٨٥ عاماً، حفلت بجليل الأعمال التي تذكر فتشكر. وبالمناسبة يمكنني القول باختصار شديد: إن الرجل قد برز طوداً شامخاً، شهدت بنبوغه وبفضائله منابر العلم مشرقاً ومغرباً، وقد أبان في هذا المجال عن جملة من الصفات العالية أذكر منها باختزال ثلاثاً:

١ - صفة العالم الإصلاحي الذي حرّك السواكن، وأيقظ النفوس، وأحيا الهمم، وهدَّ أقبية الجمود، وأقضَّ مضجع الرجعية الغائرة في التحجر، فعمل


(١) مقالة للكاتب الأديب الأستاذ حسين المزوغي عن الإمام محمد الخضر حسين، نشرت في جريدة "الحرية" تونس - يوم الخميس ١٢ شباط فيفري ١٩٩٨ م.