فيها إنما يرجع فيه إلى الأدلة النظرية، وإما أن تكون من قبيل الرواية، وهذا هو الذي يمكن أن يُرجح فيه جانب الكثرة على جانب القلة.
وقد رأيت المؤلف كيف خلط في حديثه بين الرواية والرأي، وحشر كثرة الآراء في المجالس النيابية، ونظرية كروية الأرض في موضع الكلام عن الترجيح بالكثرة فيما لا يمكن الوصول إليه إلا من طريق الرواية.
* امرؤ القيس وعبد الرحمن بن الأشعث:
أراد المؤلف أن يضع قصة امرئ القيس في معمل فلسفته الممتازة، فحام على تاريخ كندة في الإسلام، ووقع على أسرة الأشعث بن قيس، وأخذ يقص كيف وفد من كندة وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى رأسه الأشعث، وكيف ارتدت كندة، وكيف تاب الأشعث، واشترك في فتح الشام، وفتح الفرس، وتولى عملاً لعثمان، وظاهر علياً على معاوية، ثم انتقل إلى الحديث عن ابنه محمد بن الأشعث، وذكر اعتماد زياد عليه في أخذ حجر بن عدّي الكندي، وعرج على قتل معاوية لحجر بن عدّي هذا في نفر من أصحابه، وانتقل إلى سيرة عبد الرحمن بن الأشعث، وثورته بالحجّاج، وخلعه لعبد الملك، ووقوعه في يد عامل الحجّاج، وانتهاء واقعته بقتل نفسه.
عقد المؤلف مشابهة بين امرئ القيس وعبد الرحمن بن الأشعث، وزعم أن عبد الرحمن ثار منتقماً لحجر بن عدّي، كما أن امرأ القيس قام مطالباً بثأر أبيه، وذكر في وجه الشبه: أن كلاً منهما طامع في الملك، متنقل في البلاد، مستعين بملك: امرؤ القيس بقيصر، وعبد الرحمن بملك الترك، وأن كلاً منهما غدر به الملك الذي التجأ إليه، ويتشابهان في أن كلاً منهما مات في طريقه عائداً من بلاد الملك الذي التجأ إليه.