يجتمعان في إبراهيم - عليه السلام -؛ ولو كان النبي الموعود من بني إسرائيل، لقال: من أنفسهم. وقوله:"وأجعل كلامي في فمه" يوافق حال النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأمية وعدم تعاطي الكتابة.
هذه بشارة نذكرها على وجه المثل. وإن شئت الزيادة، فارجع إلى الكتب التي عنيت بجلب نصوص تلك البشائر، وبيان أنها لا تنطبق إلا على حال محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ ككتاب "هداية الحيارى" لابن القيم، وكتاب "إظهار الحق" للشيخ رحمة الله الهندي.
ولشدة موقع هذه البشارات في الدلالة على صدق نبوته - عليه الصلاة والسلام - ذكرها القرآن الكريم في دلائل النبوة، قال الله تعالى:{أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ}[الشعراء: ١٩٧].
وإنما كان علم علماء بني إسرائيل من آيات صدقه؛ لأنهم يستندون في هذا العلم إلى ما في التوراة من نعوته وعلاماته، مع القطع بأن هذه النعوت والعلامات مطابقة لحاله - عليه الصلاة والسلام -.
* سيرته:
من نظر في سيرته - عليه الصلاة والسلام -, وجدها من أعظم الدلائل على أن بين جنبيه نفساً بالغة من الكمال ما لا يبلغه الإنسان الذي يطلب المعالي بنفسه، ولو بلغ من العبقرية ما بلغ، ولقن من الحكمة ما شاء أن يلقن.
وأوجز الحديث عنها في هذا الفصل فاقول:
طالعْ كتب التاريخ، عربية وغير عربية، وأمعن النظر في أحوال عظماء الرجال من مبدأ الخليقة إلى هذا اليوم، فإنك لا تستطيع أن تضع يدك على اسم رجل من أولئك العظماء، وتقص علينا سيرته ومزاياه، وأعماله الجليلة