وفتحوا لها صدورهم، ولكنهم لم يرفعوها إلى المقام الذي يمنعهم من مناقشتها، وتقويم المعوجّ من مقالاتها.
نفقت سوق الفلسفة، فمد إليها بعض القاصرين أيديهم، واتخذوا منها ظهيراً لآراء سخيفة يعتنقونها، أو شُبه على الدين يوردونها، وما كان من أولي العلم إلا أن تصدوا لنقض تلك الآراء، ومطاردة هاتيك الشبه، واضطروا في تقويمهم، وكفّ بأسهم إلى استعمال السلاح الفلسفي الذي هاجموهم به، ولم يبالوا أن يمزجوا عقائدهم الصحيحة بالفلسفة اليونانية، ما داموا يحملون في أناملهم أقلاماً تفرق بين خيرها وشرها، وإيمانها وكفرها.
* بحث في مبايعة الخلفاء الراشدين، وأنها كنت اختيارية:
حكى المؤلف قول ابن خلدون: إن الخلافة راجعة إلى اختيار أهل العقد والحل، وقول السيد محمد رشيد رضا: إن الإمامة عقد تحصل بالمبايعة من أهل الحل والعقد ممن اختاروه إماماً للأمّة، بعد التشاور بينهم.
ثم قال في (ص ٢٥): "قد يكون معنى ذلك: أن الخلافة تقوم عند المسلمين على أساس البيعة الاختيارية، وترتكز على رغبة أهل الحل والعقد من المسلمين، ورضاهم، وقد يكون من المعقول أن توجد في الدنيا خلافة على الحد الذي ذكروا، غير أننا إذا رجعنا إلى الواقع ونفس الأمر، وجدنا أن الخلافة في الإسلام لم ترتكز إلا على أساس القوة الرهيبة، وأن تلك القوة كانت -إلا في النادر- قوة مسلحة، فلم يكن للخليفة ما يحوط مقامه إلا الرماح والسيوف". ثم قال: "قد يسهل التردد في أن الثلاثة الأول من الخلفاء الراشدين -مثلاً- شادوا مقامهم على أساس القوة المادية، وبنوه على قواعد الغلبة والقهر، ولكن أيسهل الشك في أن علياً ومعاوية - رضي الله