قال المؤلف في (ص ١٧٩): "وأكبر الظن أن كل ما يضاف إلى المتلمّس من شعر- أو كثره على أقل تقدير- مصنوع، الغرض من صنعته: تفسير طائفة من الأمثال، وطائفة من الأخبار، حفظت في نفوس الشعب عن ملوك الحيرة وسيرتهم في هؤلاء الأخلاط من العرب وغير العرب الذين كانوا يسكنون السواد، ولا أستبعد أن يكون شخص المتلمس نفسه قد اخترع اختراعاً تفسيراً لهذا المثل الذي كان يضرب بصحيفة المتلمس، والذي لم يكن الناس يعرفون من أمره شيئاً".
بعض الرواة صنع هذا الشعر ليفسر طائفة من الأمثال، وطائفة من الأخبار، وبعض الرواة وجدوا الناس يضربون المثل بصحيفة المتلمس، وهم لا يعرفون منْ هذا المتلمس، ولا يدرون ما هذه الصحيفة، فصوروا رجلاً وضعوا عليه اسم المتلمس، وجعلوه من بني ضبيعة، وفي عهد عمرو بن هند، ونظموا أشعاراً أضافوها إليه، ولفقوا له قصة مع عمرو بن هند، وقرنوه في القصة بطرفة بن العبد، واصطنعوا له ولداً سمّوه: عبد المدان، وقالوا عن هذا الولد: إنه أدرك الإسلام، وكان شاعراً، ومات في بصرى، ولا عقب له (١)! تصنع طائفة من الرواة جميع هذا لتفسر المثل المضروب بصحيفة المتلمس!.
ننظر فيما يضيفه الرواة إلى المتلمس من أخبار وأشعار، وأقل ما نستفيده من مجموعها: أن شاعراً كان في عهد عمرو بن هند يقال له: المتلمس،
(١) "الجمهرة" لابن حزم، و"الشعر والشعراء" لابن قتيبة، وإنما اختلفت النسخ في كتابة اسمه، وأكثرها على أنه عبد المدان.