حكى المؤلف قصة طَرَفَة والمتلمِّس، وما جرى لهما مع عمرو بن هند، وأقبل يتحدث عن طرفة، ويعيد قول ابن سلام في طرفة وعبيد: إنه لم يبق من شعرهما إلا قصائد بقدر عشر، ورجع يذكر ما حمل عليه عبارة ابن سلام من أنه لا يعرف لعبيد إلا بيتاً واحداً.
ثم قال في (ص ١٧٤): "فأما طرفة، فقد عرف له المطولّة، وروي مطلعها هكذا:
لخولةَ أطلالٌ ببرقةَ ثَهمدِ ... وقفت بها أبكي وأبكي إلى الغدِ"
مطلع هذه القصيدة ورد بروايتين: إحداهما هذه التي اختارها ابن سلام، وثانيتهما رواية الأصمعي، وهي:
ومن شرّاح المعلّقات من يتعرض للروايتين، ويتناولهما بالشرح واحدة بعد أخرى، وقد عرفت أن اختلاف الروايات في بعض أبيات القصيدة، لا يساعدك على أن تتخذه دليلاً أو شبيهاً بالدليل على أن نسبة هذا الشعر الجاهلي مزورة، وقصارى الارتياب أو الإنكار أن يمس القصيدة في موضع الاختلاف، ولا يتعداه إلى ما لا خلاف فيه.