للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: ٣٠]، وآية: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} [ص: ٢٦]، بمعنى: الخلافة عمن تقدمه من الخلق، وذهب آخرون إلى صحة إطلاقه على الأنبياء، وبهذا المذهب أخذ القاضي أبو بكر بن العربي، وقال في"عارضة الأحوذي": "وقيل: إن قوله: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} يريد: بعدَ منَ تقدمه من الأمم، ولم يثبت شيء من ذلك، فلا تعولوا عليه، وإنما هو خليفة لله؛ لأن الأمر والحكم له، فخلفه، وأجرى على يديه ما شاء من تدبيره، وسمّاه؛ بما أجرى على يديه من ذلك: خليفة".

فإذا غضب أبو بكر من تسميته: "خليفة الله"، فلأنه لا يجوز إطلاقه على مخلوق، أو لأنه لقب لا يستحقه إلا نبي أو رسول.

* الخليفة عند المسلمين غير معصوم:

قال المؤلف في (ص ٩٦): "حمل ذلك اللقب جماعة من العرب والمسلمين على أن ينقادوا لإمارة أبي بكر انقياداً دينياً. كانقيادهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن يرعَوا مقامه الملوكي بما يجب أن يرعوا به كل ما يمس دينهم".

يعرف المسلمون سلفُهم وخلفهم: أن في الوحي الذي نزل به الروح الأمين على أكمل الخليقة عقائد وآداباً ومبادئ حكم وسياسة، وأن أبا بكر استحق اسم خليفة رسول الله، من أجل حراسته لهذه العقائد والآداب، وأخذه في سياسة الأمة بتلك المبادئ، ولقيامه على هذه الوظيفة بأمانة وحزم كان جديراً بذلك الانقياد الذي هو في الحقيقة انقياد للشريعة السماوية. وما كانوا ينقادون له انقيادهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن جميعهم يعلم أن حجرته لم تكن مهبط وحي، وأنه لم يكن بالمعصوم الذي يصيب في كل أمر ونهي، فالخليفة "عند المسلمين ليس بالمعصوم، ولا مهبط الوحي، ولا من حقه الاستئثار