قال هذا ليتألف الغافلين، ولما كانت في نفسه حاجات يريد قضاءها، وعرف أن هذه الحاجات ينبذها الكتاب والسنّة، حاول إسقاط السنّة من أصول الشريعة، وفتح بعد هذا لتأويل القرآن باباً من صنف الأبواب التي فتحها الباطنية من قبله، فأصبح في غنى عن ادعاء أنه جاء بشريعة مستقلة؛ إذله أن يقرر هو وأتباعه ما تدعوهم إليه أهواؤهم، فإن قيل لهم: هذا يخالف نص الشارع الحكيم، أنكروا صحة النص، أو دخلوا إلى تأويله من الباب الذي دخل منه الباطنية وهم يمكرون.
* زعمه أن له آيات على صدقه:
قال غلام أحمد في الخطبة الإلهامية:"وإن تعدوا دلائل صدقي، لا تحصوها"، ولم نقف على شيء من هذه الدلائل إِلا ما يشابه براءته من قضايا القذف التي كانت تقام عليه، أو نجاته من أذى العامة حيث يكون محاطاً بالشرطي، محروساً من الحكومة بقوة الحديد، وأراد أن يجعل دليل صدقه رواج دعوته عند طائفة الغافلين عن سبيل الحق، فقال في الخطبة الإلهامية:"ولو كان هذا الأمر والشأن من عند غير الله، لمزق كل ممزق، ولجمع علينا لعنة الأرض والسماء، ولأفاز الله أعدائي بكل ما يريدون".
وقد لقي كثير من الدعاوى المزورة مثلما لقيت دعوته أفراداً ضربت في نفوسهم الجهالة، فلا يقدرون مقام النبوة والرسالة، ولا يفرقون بين من يدعيها حقاً، ومن يدعيها وهو لا يرجو لله وقاراً، ولو كان رواج الآراء بين طائفة من البشر دليلاً على أنها حق، لكانت البهائية من المذاهب الرشيدة، والقاديانيون يعدونها كما يعدها المسلمون نحلة غاوية. وإن للباطل لصولة، حتى إذا أخذ أهل العلم بيد الحق، وأحكموا أساليب الدفاع عنه، تضاءل الباطل،