لكل سرية قائدها، وإذا تحدثوا عن قوم اعتنقوا الإسلام، ذكروا من أمّر عليهم، أو عيّن عاملاً لقبض صدقاتهم.
وجرى على طريقة أصحاب السير بعض المؤرخين؛ كابن جرير الطبري، وابن خلدون. وهل بعد أن يذكر رواة الأخبار عند كل سرية قائدها، حتى إنهم يضيفونها إليه، ويقولون: سرية فلان، يسوغ لأحد أن يدعي بأنهم يأتون بالكلام على القواد مبعثراً، ولذلك تجد منهم من يذكر الأمراء في نسق؛ كما صنع ابن خلدون في فصل عنوانه:"العمال على النواحي"(١).
وأما القضاة، فقد عرفت أن الإمارة لذلك العهد يدخل فيها القضاء، والنظر في غيره من شؤون البلاد.
* احتمال الأذى في سبيل الذود عن الحق:
عرف المؤلف أنه سيتناول في الباب الثاني وما بعده بحثاً لا يمشي فيه على سبيل، ولا يتشبث فيه بأصل، وعرف أنه سيلقي من الشبه خيالات لا تسحر إلا أعين المتستضعفين علماً وعقيدة، وتيقن بالطبيعة أن العلماء الذين درسوا الشريعة بحق، ووقفوا على مقاصدها خبرة، سينكرون عليه بدعته، وينذرون الناس لكي يتقوا فتنته. عرف هذا وذاك، فأخذ يستعمل السلاح الذي أعده للدفاع عن رأيه المحال، وهو رمي المنكرين بالجمود.
فقال في (ص ٤٧): "وأما ثانياً، فلأن المغامرة في بحث هذا الموضوع قد تكون مثاراً لغارة يشبّ نارها أولئك الذين لا يعرفون الدين إلا صورة جامدة، ليس للعقل أن يحوم حولها، ولا للرأي أن يتناولها".