للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* الفرق بين مذهب (هبز) وحق الخليفة في الإِسلام:

قال المؤلف في (ص ١١): "ويكاد المذهب الأول يكون موافقاً لما اشتهر به الفيلسوف (هبز)؛ من أن سلطان الملوك مقدس، وحقهم سماوي".

يقول "هبز" (١): إن كل فرد في المملكة يجب أن تكون إرادته خاضعة لسلطان الحكم، وخضوع الحاكم لأي فرد من أفراد الرعية مخالف لمقتضى الطبيعة، والنزوع للخروج عن إرادة الحاكم أو ردها يعتبر ثورة وتمرداً، والدين يجب أن لا يخضع لإرادة الحاكم.

هذا مذهب "هبز" الذي يحاول المؤلف ضربه مثلاً لمذهب عامة العلماء، وعامة المسلمين في سلطان الخليفة.

أقم الوزن بالقسط، تر "هبز" يقول: إن كل فرد يجب أن تكون إرادته خاضعة لسلطان الحاكم، وعلماء الإِسلام يقولون: لا يطاع الحكم إلا حين يأمر بحق. وهو يقول: خضوع الحاكم لأي فرد من أفراد الرعية مخالف لمقتضى الطبيعة، وعلماء الإِسلام يقولون: على الحاكم أن يخضع لأدنى الناس منزلة، متى أمره بمعروف، أو نهاه عن منكر. وهو يقول: ردّ إرادة الحاكم يعتبر ثورة أو تمرداً، وعلماء الإِسلام يقولون: إذا أراد الحاكم أن يدير شأنا من شؤون الأمّة على غير مصلحة، أو يفصل في قضية على وجه يخالف قانون العدل، فلا حرج على الأمة أن تردّ إرادته بطريق الحكمة، ولا يصح له أن يعد مقاومتهم لهذه الإرادة ثورة أو تمرداً.

قال أحد أمراء بني أمية لبعض التابعين: أليس الله أمركم أن تطيعونا في


(١) "دائرة المعارف الألمانية" لمير (ج ٩ ص ٣٩١).