للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام والعلم (١)

طلع الإسلام، فوجد طرقاً من الباطل مسلوكة، ومظاهر من الفساد مألوفة، فجاهد تلك الأباطيل حتى زهقت، وكشف عن قبح تلك المفاسد حتى هجرت، قوّم النفوس حتى استقامت على توحيد الله تعالى، والعبادات التي يتقبلها، ويجزل المثوبة عليها، وعلّمها بعد هذا كيف تعيش في هذه الدنيا عالية الهمم، نبيلة الأعمال، عزيزة الجانب، محفوظة الكرامة، مأمونة العواقب، سديدة الأنظار، رشيدة الآراء، متواصلة القلوب، وتفاضل الشعوب على قدر أنصبائها في هذه الخصال والمزايا التي لا تتحقق المدنية الفاضلة إلا بها.

دعا الإسلام إلى تلك المقاصد السامية، وأخذ في دعوته لإقامة الحجة، وإلقاء الحكمة، وضرب الأمثال، وإيراد القصص العامرة بما فيه عبرة.

نشأ هذا الدين الحق بين خصوم يناصبونه العداء، ويأتمرون به ليطفئوا نوره، ويقطع السبيل دونه، وما كان إلا أن خاب سعيهم، فسطعت حجته، وعلت كلمته، ومع سطوع حجته وعلو كلمته يلقى في كل عصر طوائف يكل الزيغ قلوبهم، فيطعنون فيه علناً، أو يذهبون في الكيد له مذهب التاويل الفاسد وهم يعلمون.


(١) مجلة "نور الإسلام" - الجزء السادس من المجلد الرابع - القاهرة.