كنت سمعت من نفر غير مثقفين بعلوم الشريعة رأياً في القرآن يخرج به عن كونه تنزيلاً من حكيم حميد.
قال بعض هذا النفر: إن القرآن يأتي بالقصة لكونها جارية عند العرب، وهي غير مطابقة للواقع، إنما يريد بها الموعظة والاعتبار.
وكتب آخر قائلاً - زيادة على ما تقدم -: إنما يكسوها ثوب الفن القصصي.
وقال آخر منهم: إن القرآن يشتمل على قضايا مخالفة للعلم القطعي ...
ولم نسمع منهم شاهداً منطقياً، وإنما يذكرون قوله تعالى:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[آل عمران: ٥٩]، فيقولون: إن القرآن دلَّ على أن عيسى وجد من غير أب، والعلم يخالف ذلك، فيدل على أن الابن لا يوجد بغير أب.
ويذكرون قوله تعالى:{يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}[مريم: ٢٨]؛ حيث إن هارون أخو موسى، فكيف يكون أخاً لمريم أمِّ عيسى- عليه السلام - وبين الرسولين زمان بعيد؟.
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - العددان الحادي عشر والثاني عشر من المجلد الثالث والعشرين، الصادران في ذي القعدة وذي الحجة ١٣٧٣ هـ.