الاختلاف، ونحن نعلم أن المستشرقين الذين بلغوا أن يقرؤوا القرآن ليستنيروا بالنحو القديم، وهم من التمهل في الحكم وتقصي البحث من كتب متعددة لا يعلق بنفوسهم شك، ولا يرون أن بين القرآن والنحو القديم ضروباً من الاختلاف. أما من يتصور القواعد مقلوبة رأسها على عقبها، فلا حق له في أن يضع، أو يوضع له نحو غير النحو الذي بناه علماء العربية، فأحكموا بناءه.
يزعم المحاضر أن هذا النحو سيكون أساساً صالحاً لنحو آخر يعتمد على بحث أدق من بحث المتقدمين، ولكن المثال الذي قدمه في هذه المحاضرة لا يصلح شاهداً على أن في إمكان من هم إلى العقلية الغربية أقرب منهم إلى العقلية الشرقية أن يضعوا للغة الفصحى نحواً يداني نحو المتقدمين، فضلاً عن أن يكون أدق وأشد استقصاء منه، ولا يفرح المحاضر أن طائفة من الغائبين عن علوم اللغة، قد ضربوا أيمانهم على شمائلهم استحساناً منهم لما يقول، فإن الذين يسارعون إلى تقليد كل من ينعق باسم الجديد - وإن كان مبطلاً - غيرُ قليل.