ومتى صح أن يكون الخروج على الخليفة سبباً للبحث عن مبادئ السياسة، فقد أريناك وسنريك آية نهوض المسلمين بعلم السياسة، وتفوقهم في إدارة شؤونها.
* كلمات سياسية لبعض عظماء الإسلام:
قال المؤلف في (ص ٢٤): "فما لهم وقفوا حيارى أمام ذلك العلم، وارتدوا دون مباحثه حسيرين؟ ما لهم أهملوا النظر في كتاب "الجمهورية" لأفلاطون، وكتاب "السياسة" لأرسطو، وهم الذين بلغ من إعجابهم بأرسطو أن لقبوه: المعلم الأول؟! ".
عني المسلمون من علوم اليونان بالفنون التي كانت غير معروفة لهم، أو كانت بضاعتهم فيها مزجاة، وكانوا يصرفون عنايتهم إلى هذه العلوم على قدر ما يرون لها من فائدة، وعلى حسب ما تمس إليه الحاجة، فأقبلوا على العلوم الرياضية والطبيعية والفلسفة والمنطق بمجامع قلوبهم، وأعطوا جانباً من عنايتهم إلى ما نقل لهم من سياسة أفلاطون وأرسطو، مع علمهم بأن أيديهم مملوءة بمبادئ السياسية الكافية في تدبير مصالح الأمة، وصيانة حقوقها على منهج الحرية السامية، والعدالة الصادقة.
كانوا يرون أن فيما أضاء لهم من مشكاة الشريعة، أو جرى على ألسنة حكمائهم، ما إذَا اتَسق لذي فطرة سليمة، وألمعية مهذبة، أصبح سائساً خطيراً، أو مصلحاً كبيراً.
ومن نظر في تاريخ عظماء الإسلام ببصيرة، لم تفتتن بزخرف المدنية الغربية، رأى في سيرتهم العملية، وما يلفظون به من نوابغ الكلم ما يشهد