للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشجاعة وأثرها في عظمة الأمم (١)

في الدنيا لذة وخير، وفي الدنيا ألم وشر، وفي النفوس طبيعة الارتياح والرغبة فيما فيه لذة أو خير، وطبيعة النفور والخوف مما فيه ألم أو شر، وعلى حال الرغبة والرهبة تقوم فضيلة الشجاعة، ورذيلة الجبن.

ذلك أن الإنسان يخاف أن يقع في ألم، أو يرغب في إدراك لذة، فيبتغي الوسيلة إلى التخلص من الألم، أو الوصول إلى اللذة.

فالشجاع يخاف من العار الذي يلحقه من احتمال الضيم، أو يرغب في أن يدرك مجداً شامخاً، أو ثناء فاخرًا، فيلقي بنفسه في مواقع الدفاع، لا يلوي جبينه عن طعان أو نضال.

ويخاف الجبان الموت، أو يرغب في نعيم عاجل، أو زينة، فيقعد مع القواعد، ولا يهمه أن تزدريه كل عين، أو يذمه كل لسان.

إذا ما الفتى لم يبغ إلا لباسَه ... ومطعَمَهُ فالخَيْرُ مِنْهُ بعيدُ

وليس كل إقدام على الموت شجاعة، وإنما الشجاعة: الإقدام في المواطن التي ينبغي فيها الإقدام؛ كمواقف الدفاع عن النفس، أو العرض،


(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الحادي عشر من المجلد العاشر، الصادر في شهر جمادى الأولى ١٣٥٧ هـ.