للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن الدعوة إلى الإسلام كانت تلاقي في مكة معارضة وعقبات توضع في سبيلها، وأخذت بعد الهجرة حريتها كاملة، ولم يستطع أحد أو جماعة الوقوف في طريقها، وكانت الدعوة بمكة تسير في طريق النجاح رويداً رويداً، وأخذت بعد الهجرة تنتشر بسرعة، فلم يمض عليها عشر سنين حتى عمت الجزيرة، وانضوى إلى الإسلام ملوكها ورؤساؤها وقبائلها فوجاً عقب فوج، وكان المشركون يبسطون ألسنتهم وأيديهم إلى المسلمين بالأذى، وبالهجرة تخلصوا من ذلك الأذى، وأصبحوا في أمن ليس لذي قوة عليهم من سبيل.

وكانت الدعوة في مكة تتدرع بالصبر، واحتمال المكروه من أولئك الطغاة، أما بعد الهجرة، فقد رفعت الدعوة رأسها، وأذن للقائمين بها أن يجردوا الحسام في وجه كل من يناوئها، ويروم إطفاء نورها.

فبالهجرة ظهر الإسلام في ثوب عزته الصافية، وتمكن من أن يفيض على العالم هداية ورحمة.

ومن مآخذ العبرة في قصة الهجرة: أن الداعي إلى الإصلاح متى أوتى حكمة بالغة، وإخلاصاً نقياً، وعزماً صارماً، هيأ الله لدعوته بيئة طيبة فتقبلها، وزينها في قلوب قوم لم يلبثوا أن يسيروا بها في البلاد، ويطرقوا بها الآذان، فتسيغها الفطر السليمة، والعقول التي تقدر الحجج حق قدرها.

* الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف (١):

سادتي! لا يوجد في سير العظماء ما يوجد في سيرة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -


(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء العاشر من المجلد الرابع عشر. احتفلت جمعية الهداية الإسلامية مساء يوم الجمعة ٩ ربيع الأول ١٣٦١ بذكرى مولد الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم -. وقد افتتح الإمام الحفل بهذه الكلمة.