* تفنيد قول المؤلف: الاعتقاد بأن الملك الذي شيده النبي - عليه السلام - لا علاقة له بالرسالة، ولا تأباه قواعد الإسلام:
قال المؤلف في (ص ٥٥): "لا يهولنك أن تسمع للنبي - صلى الله عليه وسلم - عملاً كهذا خارجا عن وظيفة الرسالة، وأن ملكه الذي شيده من قبيل العمل الدنيوي الذي لا علاقة له بالرسالة، فذلك قول إن أنكرته الأذن , لأن التشدق به غير مألوف في لغة المسلمين، فقواعد الإسلام، ومعنى الرسالة، وروح التشريع، وتاريخ النبي - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك لا يصادم رأياً كهذا، ولا يستفظعه، بل ربما وجد ما يصلح له دعامة وسنداً، ولكنه -على كل حال- رأي نراه بعيداً".
قد عرفت -فيما سلف-: أن المؤلف يعني بالداخل في حدود الرسالة: ما تقرر بوحي، وبالخارج عنها: ما لم يكن كذلك. ومما هو صريح في هذا المعنى: قوله فيما نقلناه آنفاً: "وتصرفه في ذلك الجانب شيئاً خارجاً عن حدود رسالته، أم كان جزءاً مما بعثه الله به، وأوحى به إليه".
وبعد أن يريد بالخارج عن وظيفة الرسالة: ما لم يكن مستنداً إلى وحي، ويذكر من شؤون الملك: الجهاد والزكاة والجزية والغنائم، يقول: إن الاعتقاد بأن المملكة النبوية عمل منفصل عن دعوة الإسلام، وخارج عن وظيفة الرسالة، ليس بكفر ولا إلحاد، وأن معنى الرسالة وروح التشريع وتاريخ النبي - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك لا يصادمه، ولا يستفظعه، وتطاول بعد هذا إلى دعوى أنه يوجد ما يصلح له دعامة وسنداً.
لا يهول المسلم أن يسمع من مخالف أن عملاً كالجهاد والتصرف في شؤون الزكاة والجزية والغنيمة، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتولاه من نفسه دون أن يهبط عليه وحي بذلك؛ فإن المخالف لا يصدق بالقرآن، ولا يطمئن لإجماع،