يدركها الناس من طريق التجارب والممارسة؛ أما الأحكام الشرعية، فإنما تجيء من طريق الوحي.
نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بدر في منزل، فقال الحباب بن منذر: أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال:"لا، بل هو الرأي والحرب والمكيدة", فقال المنذر: ليس هذا بمنزل، انهض حتى تأتي أدنى ماء من القوم فننزله، فقال:"أشرت بالرأي"، وأخذ بما قاله الحباب.
* كيف يكون قائد الجيش؟
عرفنا قبل أن الدهاء مما يراعى في اختيار قائد الجيش، ويجب أن يكون قائد الجيش -مع هذا- شجاعاً قوي الجأش؛ فإن لشجاعته أثراً كبيراً في شجاعة الجيش أو جبنه، قال أبو بكر الصديق في وصيته ليزيد بن أبي سفيان، "ولا تجبن فيجبن الناس"، وقال المتنبي يمدح أبا الهيجاء:
الجيش جيشك غير أنك جيشه ... في قلبه ويمينه وشماله
يريد أن الجيش يتشجع بشجاعتك، ويقدم بإقدامك، ويهاب من أجلك.
وقال:
بالجيش تمتنع السادات كلهم ... والجيش بابن أبي الهيجاء يمتنع
وإذا كانت خصلة الثبات واحتمال المكاره مما يجب أن يغرس في نفوس الجند، فنفس القائد أحق بأن تكون مطبوعة على هذه الخصلة المجيدة، قال الشاعر العربي:
وقلدوا أمركم لله دركم ... رحب الذراع بأمر الجيش مضطلعا