الفيلسوف: أن هذا الوجه من البلاغة يجري في قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[الأعراف: ١٨٨]، فقصر النبي - صلى الله عليه وسلم - على الإنذار والبشارة في هذه الآية، إنما يعني به: نفي أن يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، وأن يكون عالماً بالغيب.
وسائر الآيات المفزعة على قالب القصر مما أورده في الصفحتين (٧٤ وه ٧) لا تخرج عن أن يراد منها القصر الإضافي، وهو لا يتعرض لصفة التنفيذ بحال.
ولا يستطيع المؤلف أن ينكر هذا الفن من البلاغة، إلا إذا تناهى به العناد إلى إنكار ما يضرب في الأفق من بياض النهار أو سواد الليل.
يقول المؤلف:"وإنه لم يكلف شيئاً غير ذلك البلاغ، وليس عليه أن يأخذهم بما جاءهم به، ولا أن يحملهم عليه".
هذه الفقرة تنادي بصراحة أن المؤلف يريد أن يلصق بعقول الأطفال والسذج، الاعتقادَ بأن جهاد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتصرفه في أموال الزكاة قبضاً وإنفاقاً، وحكمه بين الناس، وإقامته الحدود، لم يكن من عمله السماوي، فإن هذه الحقائق شيء غير ذلك البلاع، ومنها ما فيه حمل للناس على ما جاءهم به. والقرآن يشهد بأن جهاده - عليه الصلاة والسلام -، وتصرفه في أموال الزكاة، وحكمه بين الناس إنما كان بوحي سماوي. ولا أحسب المؤلف يترك قلمه سائباً، حتى يقول على آيات الجهاد والزكاة والحكم بين الناس، كما قال على أحاديث في "الصحيحين": "لنا أن ننازع في صحتها".
* خطأ المؤلف في فهم حديثين:
قال المؤلف في (ص ٧٦): "إذا نحن تجاوزنا كتاب الله تعالى إلى