للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآن، وقيام حججه على قانون المنطق الصحيح، لم يترتب في أنه تنزيل من حكيم حميد، فانظر إلى قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢]؛ فإنك ترى في الآية حجة قائمة على أن الله واحد، وأن الإلهية تقتضي الاستقلال بالتصرف في الكون، تغييراً وتبديلاً، وإيجاداً وإعداماً.

فجميع حجج القرآن واردة على قانون المنطق السليم.

قال بعض فلاسفة الإسلام: "لقد تاملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي غليلاً، ولا تبرئ عليلاً، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن".

ولتعدد نواحي دلالة القرآن على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تلاوته تجمع بين الدعوى والحجة. وكثير من الداخلين في الإسلام بإخلاص لم يشهدوا من آيات النبوة أكثر من أنهم سمعوا سورة، أو آيات من القرآن، فرأوا الدعوة مقرونة بالحجة، فعرفوا أنه كلام الله الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولامتلاء القرآن بآيات صدق الدعوة المحمدية أنكر الله تعالى على من يقترحون على رسوله الآيات البينات، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: ٥١].

* بشارات الأنبياء والرسل به قبل مجيئه:

إن رسولاً عظيماً كمحمد - صلى الله عليه وسلم - في عموم بعثه، وخلود دينه وشريعته - جدير بأن يعلم الله - سبحانه وتعالى- بمبعثه رسله وأنبياءه - عليهم السلام -, ويصفه لهم ببعض نعوته وعلاماته، ويعهد إليهم بأن يبشروا أقوامهم بظهوره،