للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن محدثيها: ابن عبد البر صاحب كتاب "التمهيد" الذي قال فيه ابن حزم: لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلاً، فكيف أحسن منه؟!.

ومن دلائل عنايتهم بالحديث: أن حوالي قرطبة لذلك العهد قرى كثيرة، وفي كل قرية منبر وفقيه مقلس، وكان لا يضع على رأسه القالس إلا من حفظ "الموطأ"، وقيل: من حفظ عشرة آلاف حديث، وأضاف إلى ذلك حفظ "المدونة"، هذا حال مفتي القرية! فماذا يكون حال العلماء في مجلس الشورى والقضاء بقرطبة ونحوها من المدن ذات الأرباض الفسيحة، والضواحي العامرة؟!.

وقيام علماء الأندلس على منبعي الشريعة: التفسير، والحديث، هو الذي بلغ بهم أن كانوا في طليعة من حاربوا البدع والمحدثات، فقد كتب فيها أبو بكر الطرطوشي، وأثخنها أبو بكر بن العربي في مؤلفاته، وقاتلها أبو إسحاق الشاطبي في كتابي "الموافقات" و"الاعتصام" قتالاً عنيفاً.

* علم الفقه:

ظهر في الشرق أعلام الاجتهاد والفتوى؛ أمثال الأئمة: أبي حنيفة، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأخذ الناس يتلقون أقوالهم ومذاهبهم بالرواية والتدوين، وكان ممن اختص بالإمام الأوزاعي: صعصعة بن سلام، فقدم الأندلس أيام عبد الرحمن الداخل، وبه انتشر مذهب الأوزاعي هناك، وأصبحت الفتوى تدور على هذا المذهب إلى أيام هشام بن عبد الرحمن.

في أيام هشام بن عبد الرحمن رحل فريق من أهل الأندلس إلى الشرق، وجلسوا إلى مالك بالمدينة، وأخذوا عنه، ثم عادوا بكتاب "الموطأ"، ووصفوا من فضل مالك وسعة علمه ما عظم به صيته، فانتشر مذهبه، وبقي العمل في