ذكر المؤلف في طالع هذا الفصل: أن هناك شيئاً يمنعه من التسليم بصحة الكثرة المطلقة من الشعر الجاهلي، وأن هذا الشيء أبلغ في إثبات ما يذهب إليه. ثم قال: إذن هذا الشعر الذي لا يمثل الحياة الدينية والعقلية للعرب الجاهليين بعيد كل البعد عن أن يمثل اللغة العربية في العصر الذي يزعم الرواة أنه قيل فيه، وخرج إلى تعريف اللغة بمعناها المتردد على آذان المبتدئين من طلابها.
ثم عاد فقال في (ص ٢٤): "إن هذا الشعر الجاهلي لا يمثل اللغة الجاهلية. ولنجتهد في تعرّف اللغة الجاهلية هذه ما هي؟ أو ماذا كانت في العصر الذي يزعم الرواة أن شعرهم الجاهلي هذا قيل فيه؟ ".
لعلك تقرأ هذه الفقرة، فيقع في ظنك أن المؤلف سيتعرف اللغة الجاهلية هذه ما هي؟ وسيقف بك على جلية أمرها، حتى تعرف ماذا كانت في العصر الذي تزعم الرواة أن شعرهم الجاهلي هذا قد قيل فيه؟ حتى إذا قايستها باللغة الأدبية المستعملة في صدر الإسلام، ظهرت لك مميزات هذه عن تلك. والواقع أنك تقرأ هذا الفصل الموضوع في نحو ست صفحات، فتجده لم يتعرف اللغة الجاهلية، ولا يستطيع أن يتعرفها، وقصارى ما فعل