للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* عموم بعثته - عليه الصلاة والسلام -:

كان العالم قبل البعثة المحمدية في ظلمات من الزيغ عن الحق، والجهل بطريق السعادة، يستوي في هذه الظلمات الأمة العربية وغير العربية. وقد قصصنا عليك من حال الأمة العربية ما قصصناه آنفاً. وأما الأمم غير العربية، فمنها من كانوا على المجوسية , كالفرس، والبربر، ومنها من كانوا على البراهمية، أو البوذية؛ كالهنود والصينيين، ومنها من كانوا على نصرانية خرجوا بها عن وجهها الصحيح؛ كالروم.

هذه حال معظم الأمم قبل البعثة، فهي إما مغموسة في الوثنية القذرة، أو منتمية إلى شريعة سماوية محرَّفة، ولا تبنى الأعمال الصالحة والمدنية الفاضلة إلا على أساس العقيدة القيمة:

وإذا كان في الأنابيب حيف ... وقع الطيش في صدور الصِّعاد (١)

وإذا نظرت إلى هذه الأمم من الوجهة الاجتماعية والخلقية، وجدتها في تمزق وفساد، حتى الأمتين اللتين كانتا على أثارة من العلم أو المدنية، وهما: الفرس، والروم.

فالأمم إذاً في حاجة شديدة إلى دعوة دينية صحيحة تنقذها مما هي فيه من شقاء، وتهديها الصراط السوي الذي يكفل لها السعادة في الآخرة والأولى، فكان من مقتضى الحكمة دعوة الناس- على اختلاف شعوبهم وقبائلهم- إلى الدخول في دين واحد، والسير على أصول شرع ثابتة، وذلك الدين هو الإسلام، وتلك الأصول هي أصول شريعته المحكمة، فكان من


(١) الصعاد: الرماح كالأنابيب.