تكون ألفاظها مستعملة في معانيها كما نجدها عند شعراء المسلمين.
* أثر اختلاف القبائل في الشعر:
قال المؤلف في (ص ٣٣): "كل شيء في هذه المطولات يدل على أن اختلاف القبائل لم يؤثر في شعر الشعراء تأثيراً ما. فنحن بين اثنتين: إما أن نؤمن بأنه لم يكن هناك اختلاف بين القبائل العربية من عدنان وقحطان في اللغة، ولا في اللهجة، ولا في المذهب الكلامي، وإما أن نعترف بأن هذا الشعر لم يصدر عن هذه القبائل، وإنما حمل عليها حملًا بعد الإسلام. ونحن إلى الثانية أميل منا إلى الأولى. فالبرهان القاطع قائم على أن اختلاف اللغة واللهجة كان حقيقة واقعة بالقياس إلى عدنان وقحطان، يعترف القدماء أنفسهم بذلك؛ كما رأيت أبا عمرو بن العلاء، ويثبته البحث الحديث".
لتختلفِ اللغات، لتتباين اللهجات، ليكن البعد بين اللغات واللهجات مثل ما بين مطلع الشمس ومغربها، ليقم على اختلافها سبعون برهاناً، لتكن براهينها أجلى من الشمس في رونق الضحى. والذي لا يهتدي المؤلف إلى نفيه سبيلاً هو قيام لغة أدبية باسطة أشعتها في كل ناحية، ولا سيما بعد أن كانت قَدُومه القاسية إحدى الضاربات في أساس نظرية العزلة العربية.
أما ما يدعيه من أن اختلاف القبائل لم يؤثر في شعر الشعراء تأثيراً ما، فناشئ من قلة خبرته بحقيقة نوع يسمى المترادف، وآخر يسمى المشترك، وثالث يستعمل على وجهين، أو وجوه، والألفاظ المترادفة والمشتركة وذات الوجوه المتعددة موجودة في الشعر الجاهلي، وهي من تأثير اختلاف القبائل ولغاتها؛ لأن "العرب كانوا على اتصال بمن حولهم من الأمم، بل كانوا على اتصال قوي"، و"لم يكن العرب كما يظن أصحاب هذا الشعر الجاهلي