وأما مانعو الزكاة، فإن الله تعالى فرض في أموال الأغنياء نصيباً مفروضاً، وعيّن لهذا النصيب مصارف، ومن هذه المصارف ما يرجع إلى مصالح عامة؛ كالاستعداد لمحاربة الأعداء المشار إليها بقوله تعالى:{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: ٦٠]، ومنها ما يرجع إلى مصالح أفراد غير معينين؛ كالفقراء والمساكين، وعلى كل حال، فللإمام النظر في هذا النصيب المفروض، وله الحق في جبايته وصرفه في وجوهه المشروعة، وإذا امتنع الغني من دفع ما فرضه الله عليه، وجب على صاحب الدولة انتزاعه منه ولو بالقوة، وإذا أشهر السلاح، جاز قتاله، وكذلك كان قتال أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - لمانعي الزكاة.
* سبب حروب أهل الردة ومانعي الزكاة:
قال المؤلف في (ص ٩٧): "كم نشعر بظلمة التاريخ وظلمه، كلما حاولنا أن نبحث جيداً فيما رواه لنا التاريخ عن أولئك الذين خرجوا على أبي بكر الصديق، فلقبوا: المرتدين، وعن حروبهم تلك التي لقبوها: حروب الردة".
لم يكن في تاريخ الحروب ظُلمة، ولا في محاربة أبي بكر لمن لقبوا المرتدين ظلم، وحقيقة الحال: أنه عندما ذاع نبأ وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في أنحاء الجزيرة، رفع المضللون رؤوسهم، ونشطوا لإلقاء الوساوس في قلوب السذج من الأعراب، وأخذ الذين انحشروا في الإسلام رياء يعودون إلى جاهليتهم، فأصبح العرب على ثلاث طوائف:
طائفة استمرت على إسلامها الخالص وهم الجمهور.
وطائفة بقيت على الإسلام كذلك، إلا أنها جحدت الزكاة على زعم