للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحق بالخلافة وأولى؟ لماذا نجتهد في أن تلطخ سرائرهم بمقاصد غير شريفة، ونجعل العلة في تحيزهم إلى جانب علي - رضي الله عنه - اضطغانهم على قريش حين أخطأهم الحكم؟ أليسوا هم الذين مالوا إلى تأييد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونصروه على قريش؟ والسيرة "تحدثنا بأن صلات المودة كانت قوية بين قريش وبين الأوس والخزرج قبل أن يهاجر النبي إلى المدينة" (١)؟ وإذا مالوا إلى تأييد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والخلفاء الثلاثة بعده بدافع الإيمان، أفلا يسبق إلى الظن أن ميلهم إلى تأييد على إنما كان على بينة وإخلاص طوية؟.

نحن لا نعتقد للأنصار أو المهاجرين العصمة، ولا ننكر على أحد أن يخوض في تاريخ عصرهم بكل ما يملك من وسائل النقد، وإنما ندعو الباحث إلى التثبت في الرواية، والتأني في الاستنباط؛ حتى لا يأتي مثل هذا الذي يأتيه المؤلف، فيظلم التاريخ قبل أن يظلمهم، ويفسد على نفسه نظام البحث قبل أن يفسد على طلابه عقليتهم.

* تهاجي ابن حسان وابن الحكم:

تعرض المؤلف لقصة عبد الرحمن بن حسان، وعبد الرحمن بن الحكم، وتهاجيهما، وذكر ما ينقل عن الأنصار، وما ينقل عن قريش في سبب هذا التهاجي.

ثم قال في (ص ٦١): "وليس من شك في أن هذه القصة خيال كانت تتفكه به الأنصار وقريش بعد أن هدأت نار الخصومة العملية بينهما، وأن ما يرويه صاحب "الأغاني" عن أصل هذه المهاجاة بعيد كل البعد عن النساء.


(١) كتاب "في الشعر الجاهلي" (ص ٥٠).