وانظروا إلى قصة المغيرة بن شعبة إذ دخل على رستم قائد جيوش كسرى، وجلس معه على سريره، فوثب عليه الجند وأنزلوه، كيف قال كلمة حق، وكان لها في الجند أثر، قال:"إنا - معشر العرب - لا يتعبد بعضنا بعضاً، فظننت أنكم تتواسون كما نتواسى، فكان أحسن من الذي صنعتم أن تخبرونا أن بعضكم أرباب بعض"!.
* ما يثار حول انتشار الإسلام من شبه:
يزعم بعض المخالفين غير المنصفين: أن الإسلام انتشر بالسيف، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كره الناس على قبوله، وهذا الزعم باطل، والحق أن دين الإسلام انتشر بالدعوة، وانقاد إليه الناس من طريق الحجة، وإليك البيان:
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجاهد في مكة بالحكمة والموعظة الحسنة، وقد عرفتهم ما كان يلاقيه من المشركين من أذى، وما ينالون به أصحابه من سوء العذاب، حتى هاجر بعض أصحابه إلى الحبشة، وهاجر هو وبقية المسلمين إلى المدينة المنورة، وهنالك تألف حوله حزب من المهاجرين والأنصار، وأصبح هذا الحزب بين أربعة أصناف من المخالفين: معاهدون: وهم اليهود وبعض قبائل من العرب؛ كبني مدلج، وبني ضمرة. ومنافقون: وهم الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر. ومحاريون: وهم كفار قريش ومن شاكلهم في المجاهرة بالعداوة، والسعي للقضاء على هذه الدعوة قبل ظهورها، ومتاركون: وهم القبائل التي لم تتعرض لحربه، ولم تدخل معه في عهد.
وقد جرى حكم معاملاته - صلوات الله عليه - لهذه الأصناف الأربعة على مقتضى الحكمة، وهو رعاية حق المعاهدين ما استقاموا على عهدهم، والأخذ في معاملة المنافقين بظاهر حالهم، ومسالمة المتاركين ما داموا على