من شهامته، ولا يعتدي بها على حق، ولا يحجر على أحد أن يرسل نفسه في أنس طاهر، أو يلهو في غير باطل، وإنما يريد الصعود بهذه الأمم إلى أجلى مظاهر السعادة، وأرقى طور في هذه الحياة.
جاء القرآن في هذه الحكمة، وفي هذه الهداية، وقام المؤلف يعمل على شاكلة رجل تستوي في نظره فحمة الليل وغزة الصباح، فلا يكاد يأخذ في حديث، إلا خرج منه إلى العبث حول القرآن.
* نظرة علماء العربية إلى الأدب:
قال المؤلف في (ص ٩٢): "وفي الحق أن الأدب العربي لم يدرس في العصور الإِسلامية الأولى لنفسه، وإنما درس من حيث هو وسيلة إلى تفسير القرآن وتأويله، واستنباط الأحكام منه".
قال المؤلف هذا، وعينه تنظر إلى قول الأستاذ الرافعي في "تاريخ آداب العرب"(١): "وكانوا جميعاً إنما يطلبون رواية الأدب للقيام به على تصير ما يشتبه من غريب القرآن والحديث". ولكن المؤلف يجعل درسهم للأدب من حيث إنه وسيلة لفهم القرآن هو الذي صرف أصحاب الجد من المسلمين عن القصص الذي "يتقرب من نفس الشعب، ويمثل له أهواعه وشهواته ومثله العليا".
والحق أن علماء العربية -وإن نظروا إلى الأدب كوسيلة من وسائل فهم القرآن والحديث- كانوا يبحثون فيه على طريقة أوسع مما يستدعيه غرض التوسل به إلى فهم الكتاب والسنّة، ويكاد الناظر في العلوم الأدبية