جاء الكتاب الحكيم والحديث النبوي بحكم بالغة، وعقائد ثابتة، وأحكام عادلة، ودلائل قاطعة، وقد نظر فيها العلماء اليقظون بإمعان وفكر ثاقب، واستنبطوا منها على طريق الدلالة العربية ما يلائم الزمان والمكان، وأدرك الأمراء الموفقون حكمة الكتاب والحديث، وما استنبطه العلماء منهما بعقول مستنيرة، وقلوب سليمة، فأكرموا العلماء، ولاقوهم بسماحة وصدر واسع، واتفق العلماء والأمراء على إجراء الإصلاح بين طوائف المسلمين، ومن أقام في جوارهم.
وما زال نور الكتاب الكريم يتجلى لكل ذي عقل كبير، ونفس مستبصرة تنشد الحق أينما كان.
وأذكر بهذه المناسبة: أني لقيت مستشرقاً ألمانياً أثناء مقامي في ألمانيا دخل الإسلام لمعاشرته عالماً مسلماً، وصله بالثقافة الإسلامية، ووقفه على شيء من أسرار كتاب الله، وسنة رسوله، فانشرح صدره للإسلام لما آنس من رشده وحكمته، وقد وصف صديقه العالم فقال: ما رأيت عالما مثله قط. وبمثل هذا العالم المستنير اهتدى الناس، واقتدى الحكام والأمراء في مختلف الأعصار، واحتفوا بهم، وبالغوا في إكرامهم.
(١) مجلة "لواء الإسلام" - العدد الحادي عشر من السنة التاسعة.