والكتب عامرة بقصص من بلغوا هذه الرتبة في السخاء. قال أحد شعراء الحماسة:
طويل نجاد السيف يصبح بطنه ... خميصاً وجاديه على الزاد حامد
وأبلغ ما يدلك على أصالة كرم الرجل: أن يرق عطفه حتى يبسط يد إحسانه إلى ذي الحاجة، وإن كان من أعدائه؛ كما قال أحد شعراء الحماسة في سيرته مع ابن عشيرته:
وأمنحه مالي وودي ونصرتي ... وإن كان محنيَّ الضلوع على بغضي
* أثر السخاء في سيادة الأمة:
تبلغ الأمة الأمد الأسمى من السيادة بحفظ دينها، وسعة معارفها، وسمو أخلاقها، وصيانة أعراضها، ونباهة ذكرها، وحياة لغتها، ومتانة اتحادها، وحماية أوطانها، وكل هذه المقاصد رفيعة الشأن إنما تتحقق بالمال الذي يبذله الأسخياء من الناس.
للسخاء أثر في حفظ الدين: فالمساجد التي تقام فيها الصلوات، والمعاهد التي تدرس فيها علوم الدين ووسائلها، والجمعيات التي ترشد بمحاضراتها ومجلاتها إلى حقائق الدين، وتدعو إلى التمسك بعروته الوثقى، والمحاكم التي تقضي بشريعته، كل ذلك معدود من مآثر السخاء.
وللسخاء أثر في تنمية العلوم، وذلك ما تجود به النفوس الكريمة من أموال تصرف في إنشاء مدارس للتعليم، وإرسال بعثات لتلقي العلوم من منابعها الغزيرة، أو طبع كتب قيمة، أو عقد مسابقات لتحقيق بحث علمي أو أدبي.