وللسخاء أثر في نبل الأخلاق وسلامتها، من جهة أنه يحفظ الدين، وينمي العلوم، وبحفظ الدين وبنمو العلوم ترتفع الأخلاق، وتبلغ الذروة من كمالها.
ثم إن السخاء ينقذ أناساً كثيراً من الفقر الذي قد ينجرف بهم إلى فساد الأخلاق وضيعة الآداب.
وللسخاء أثر في صيانة الأعراض، ذلك أن الكريم يبذل المال لذي الحاجة، فيصون ماء وجهه من الابتذال بالسؤال، والسؤال يزري بالرجل، ويجعل عرضه مضغة في الأفواه.
ثم إن الأسخياء يصونون أعراضهم بما يسدون به أفواه أناس لولا عطاؤهم، لأطلقوا ألسنتهم بذمهم، واختلقوا لهم معايب هم منها براء.
قال أسماء بن خارجة: ما أحب أن أرد أحداً عن حاجة طلبها؛ لأنه لا يخلو أن يكون كريماً فأصون عرضه، أو لئيماً فأصون عرضي عنه:
أصون عرضي بمالي لا أدنسه ... لا بارك الله بعد العرض في المال
وللسخاء أثر في نباهة الذكر بعد سلامة العرض؛ فإن الفضائل -والسخاء في مقدمتها- تطلق الألسنة بالثناء، والثناء الصادق من النعم التي تقابل بالارتياح والشكر، ومن هنا نرى الأدباء يمدحون الرجل بأنه حفظ بسخائه الثناءَ من الضياع، أو أقام له سوقاً كانت خاملة، قال مهيار:
لولاكم نُسي الثناء ولم يكن ... في الناس لا رفد ولا مرفود
وقال أبو الشيص الخزاعي:
وأقام سوقاً للثناء ولم تكن ... سوق الثناء تعد في الأسواق