واتساع مذاهب بيانها، وكثرة الأغراض التي يتسابق إليها فرسان الخطابة والكتابة.
* فضل اللغة العربية:
للغة العربية فضل من جهه اعتدال كلماتها؛ فإنا نجد أكثر ألفاظها قد وضع على ثلاثة أحرف، وأقل من الثلاثي ما وضع على أربعة أحرف، وأقل من الرباعي ما وضع على خمسة أحرف، وليس في اللغة كلمة ذات ستة أحرف أصلية، وقد جاءت ألفاظ قليلة جداً على حرف واحد، أو على حرفين.
ولها فضل من جهة فصاحة مفرداتها، فليس في كلماتها الجارية في الاستعمال ما يثقل على اللسان، أو ينبو عنه السمع. وللعارف بحسن صياغة الكلام أن يصنع من مفرداتها المأنوسة الوضاءة قطعاً أو خطبًا أو قصائد تسترق الأسماع، وتسحر الألباب، ولعناية العرب بتهذيب الألفاظ زعم قوم أن العرب تعنى بالألفاظ، وتغفل المعاني، وهؤلاء هم الذين رد عليهم ابن جني في باب مستقل من كتاب "الخصائص"، ومما قال في هذا الباب:"فإذا رأيت العرب قد أصلحوا ألفاظهم وحسَّنوها، وحموا حواشيها وهذبوها، وصقلوا غرويها وأرهفوها، فلا ترينَّ أن العناية إذ ذاك إنما هي بالألفاظ، بل هي عندنا خدْمة منهم للمعاني، وتنويه وتشريف، ونظير ذلك إصلاح الوعاء وتحصينه، وتزكيته".
كانت اللغة الفارسية في الشرق هي التي يمكن - بما لها من فصاحة وحسن بيان - أن يوازَن بينها وبين اللغة العربية، وقد شهد بعض الأعاجم الذين عرفوا اللغتين بأن العربية أرقى مكانة، وألطف مسالك، قال ابن جني في "الخصائص": "إنا نسأل علماء العربية ممن أصله أعجمي، وقد تدرب