قبل استعرابه، عن حال اللغتين، فلا يجمع بينهما، بل لا يكاد يقبل السؤال عن ذلك؛ لبعده في نفسه، وتقدم لطف العربية في رأيه وحسه. سألت غير مرة أبا علي عن ذلك، فكان جوابه عنه نحواً مما حكيته".
وقد استدلّ بعض علماء الأدب بما كتبه أرسطو في "الشعر" على أن الشعر العربي أرقى من الشعر اليوناني.
قال حازم في كتاب "المناهج الأدبية" (١): "ولو وجد أرسطو في شعر اليونان ما يوجد في شعر العرب؛ من كثرة الحكم والأمثال، والاستدلالات، واختلاف ضروب الإبداع في فنون الكلام لفظًا ومعنى، وتبحرهم في أصناف المعاني، وحسن تصرفهم في وضعها، ووضع الألفاظ بإزائها، وفي إحكام مبانيها واقتراناتها، وطلب التفاتاتهم وتمنياتهم، واستطراداتهم وحسن مآخذهم ومنازعهم، وتلاعبهم بالأقاويل المخيلة كيف شاؤوا؛ لزاد على ما وضع من القوانين الشعرية".
هذه شهادات صادرة ممن يعتقدون أن للغة العربية فضلاً من جهة أنها اللسان الذي نزل به القرآن الكريم.
وإليك شهادات ممن لا يؤمنون بالقرآن، وإنما ينظرون إلى اللغة من ناحية حسن البيان.
قال المستشرق أرنست رينان في كتابه "تاريخ اللغات السامية": "من أغرب المدهشات أن تنبت تلك اللغة القوية، وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمة من الرحَّل. تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها،
(١) توجد نسخة من هذا الكتاب بالمكتبة الصادقية في تونس.