مهلة، فقال بعض أهل العلم هناك للمجتمعين: إن الأستاذ المصري ليس من عادته التدريس في هذا اليوم الجمعة، ثم التفت إلي، وقال لي: لا يتفرق هذا الجمع عن غير فائدة، وعندما سمعه أولئك المتجمعون، وهو يقترح عليّ أن أقوم لهم مقام ذلك الأستاذ، انقلبوا إليّ، وأكدوا رغبتهم في سماع بعض الأحاديث، فوقفت وقفة المتردد، حتى تقدم الأديب السيد السعيد أحد الشبان الذين صدروا من مدارس الآستانة، وقال لي مخافتاً: إني أعرف الأستاذ المصري يقرئ يوم الجمعة، فكان هذا الإعلام عذراً فاصلاً للتخلص من حرصهم الشديد.
* رسالة "الحرية في الإسلام":
واجهت ناظم باشا، وهو الوالي بالشام في ذلك الحين؛ للتفاهم معه في حاجة تخص العائلة، فكانت التحية بيننا أولاً إشارة باليد، ثم تقدم الفاضل السيد محمد بن شطه الجزائري ليترجم بيني وبينه، وكانت المخاطبة بينهما باللسان الفرنساوي؛ إذ كان لا يحسن النطق بالعربية، وذكروا أنه يقرأ بها، ويفهم جيداً، وقال له السيد محمد بن شطه في التعريف بشأني: هذا مؤلف رسالة "الحرية في الإسلام"(١)، وأخبرني أنه كان قد اطلع عليها، فنهض قائماً، ومد يده لمصافحتي، وأعطى عبارة في الشكر على تأليفها.
* حفل علمي:
حضرنا حفلة وداع التلامذة: محيي الدين القضماني، وسعدي عرابي، وسعيد الرشاش، حين عزموا على الرحلة للتعلم، فافتتح السيد محمد علي بخطاب بيّن فيه الغرض من الاحتفال، وتلاه الأمير عارف الشهابي بخطبة
(١) انظر كتاب الإمام: "محاضرات إسلامية"، وهو يضم هذه المحاضرة.