للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهجرة مبدأ التأريخ العام في الإسلام (١)

كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتاباً يقول فيه: "إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ". فجمع عمر الناس يستطلع رأيهم فيما يكون به التأريخ" فقال بعضهم: أَرَّخ بالمبعث، وقال بعضهم: أرخ بالهجرة، فقال عمر: "الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرّخوا بها".

يقول عمر بن الخطاب: "الهجرة فرقت بين الحق والباطل"، وهذا إشارة منه إلى المزية التي استحقت بها الهجرة أن تكون مبدأ التأريخ العام في الإسلام، فإن الدعوة إلى الإسلام كانت تلاقي في مكة معارضة، وعقبات توضع في سبيلها، وأخذت بعد الهجرة حريتها كاملة، ولم يستطع أحد أو جماعة الوقوف في طريقها، وكانت الدعوة بمكة تسير في طريق النجاح رويداً رويداً، وأخذت بعد الهجرة تنتشر بسرعة، فلم يمض عليها عشر سنين حتى عمت الجزيرة، وانضوى إلى الإسلام ملوكها ورؤساؤها وقبائلها فوجاً عقب فوج، وكان المشركون يبسطون ألسنتهم وأيديهم إلى المسلمين بالأذى، بالهجرة تخلصوا من ذلك الأذى، وأصبحوا في أمن ليس لذي قوة عليهم من سبيل.


(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزآن السابع والثامن من المجلد الرابع عشر الصادران في المحرم وصفر ١٣٦١ هـ.