للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير آسف عليهما (١).

ويتأسى به - عليه الصلاة والسلام - في صلته بالأفراد والجماعات، ومعاملته لهم؛ من نحو: الرفق بهم، والإحسان إليهم، ودعوتهم إلى الحق، وإرشادهم إلى وجوه الخير، وسبل السعادة، ومعاقبة الجناة على قدر جناياتهم، ودرس هذه الناحية من سيرته الطاهرة يفتح أمام الناظر الطريق التي يتوسل بها إلى امتلاك قلوب فضلاء الناس على اختلاف طبقاتهم، وتباين مواطنهم، بل يفتح أمامه الطرق التي تعرف بها كيف يسوس النفوس الواقعة في أسر الشهوات، ويعيدها إلى سيرة الطهر والعفاف؛ إذ يجد الناظر في حكمة أساليب دعوته، وحسن معاملته حتى لخصوم دينه، معالم لا ينجح صاحب دعوة صادقة إلا أن يهتدي بها.

ويتأسى به - صلوات الله عليه - في احتماله الأذى من الناس، ومقابلته بالعفو، وهو قادر على مقابلته بالانتقام. ومن درس هذه الناحية في السيرة، عرف أن لحلمه وعفوه - عليه الصلاة والسلام - مواضع، ولأخذه بالحزم مواضع. وقد أشارت عائشة - رضي الله عنها - إلى ذلك بقولها:

"وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله -عزَّ وجلَّ-" وفي. رواية: "إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله -عَزَّ وَجَلَّ- ".

وصفوة المقال: أن هذه الآية أرشدت إلى التأسي بأفضل الخليقة - صلوات الله وسلامه عليه-، وهذا يقتضي البحث عن سيرته، وفي البحث عن سيرته مرقاة إلى معرفة خصال الشرف الإنساني، وصالح الأعمال التي يعرج بها الإنسان إلى الحياة الطيبة في الأولى والآخرة.


(١) كتاب "تراجم أعيان القرن الثالث" للمرحوم أحمد تيمور باشا (ص ٧٥).