للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصة أيوب - عليه السلام -

الرد الخامس (١)

كان صاحب المقال - بعد أن انتهى في مقاله من إيراد تلك الوجوه التي زعم أنها تبطل قول المفسرين في قصة أيوب عليه السلام - قد أبدى رأيه في تفسيرها، وناقشنا رأيه، حتى استبان أنه من قبيل الخواطر التي لا تستند إلى أصول.

كان قد أوَّلَ قولَه تعالى: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: ٤١] بمعنى: إعراض الناس، واستهزائهم بالدعوة، وقال: "وما كانت شكوى الأنبياء إلا من إعراض أممهم، ولا كان حزنهم الذي كان يبلغ أحياناً حدَّ الإهلاك للنفس إلاّ لبطءٍ في سير الدعوة إلى الله"، وقال: "انظر إلى قوله تعالى: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل: ١٢٧]، وقوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: ٦] ".

فقلنا في الردِّ عليه: لا يتم لكاتب المقال هذا الوجهُ من الرد على المفسرين، إلا إذا صحَّ أن الأنبياء لا يشكون إلا من إعراض قومهم - كما زعم -، وهذا الزعم غير صحيح، فقد شكا يعقوب - عليه السلام -, وحزن لفقد يوسف


(١) مجلة "الهداية الإِسلامية" - الجزء الرابع من المجلد الثامن الصادر في شهر شوال ١٣٥٤ هـ.