- عليه السلام -، فقال:{قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف: ٨٦] وقال تعالى: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ}[يوسف: ٨٤].
ونبَّهنا على أن الآيتين اللتين ساقهما في الاستشهاد إنما يثبتان أن الأنبياء يحزنون لإعراض الناس عن دعوتهم، والمقام مقام استدلال على أنهم لا يشكون، ولا يحزنون إلا من إعراض قومهم.
فكان من كاتب المقال أن قال في رده:"أنا لا أنفي أن الأنبياء يحزنون لغير إعراض قومهم عن دعوتهم، ولكني أقول: إنهم لا يحزنون لشيء حزنَهم لصدِّ الشيطان من يدعونهم عن سبيل الله".
ولعل القارئ الكريم يرجع إلى عبارته، فيجده يقول:"وما كانت شكوى الأنبياء إلا من إعراض أممهم"، وهذه عبارة تقصر شكوى الأنبياء على إعراض أممهم، فيحق لنا أن ندفعها بمثل قول يعقوب - عليه السلام -: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف: ٨٦].
وقال في رده:"ثم أقول بناء على هذا: إن القرآن لا يعني بالحديث عن حزن الأنبياء إلا حزناً يتصل بالدعوة وسيرِها في أممهم، وقد قلت قبل هذا: إن القرآن لم يفرد يعقوب بالحديث عنه، وإنما جاء هذا الحديث الذي ذكره الكاتب في طريق قصص يوسف - عليه السلام -".
كاتب المقال يقول:"ما كانت شكوى الأنبياء إلا من إعراض قومهم"، فقلنا: إن يعقوب شكا من فقد يوسف - عليهما السلام - كما أخبر القرآن، والمنطق يقضي عليه بأن يسلم أن الأنبياء يشكون من بلاء غير إعراض قومهم، أو ينازع في أن يعقوب شكا إلى الله شيئاً غير الإعراض، أما قوله:"إن القرآن إنَّما حكى شكوى يعقوب من فقد يوسف في طريق قصة يوسف"،